من روايات ما وراء الطبيعة
د. "أحمد خالد توفيق"
الذبحة الصدرية هي ألم في الصدر ينتج عن قصور في وصول الدم -وبالتالي الأكسجين- إلى عضلة القلب. حيث يحدث تقلص مؤلم في الشرايين التاجية يُترجم إلى ألم في الصدر. لكن شدة الألم لا تتناسب مع مستوى عجز الأكسجين في العضلة، معنى هذا أن شدة الألم لا تتناسب مع مستوى الخطر، فيمكن أن يكون هناك ألم شديد بدون خطر، ويمكن أن تكون هناك أزمة قلبية قاتلة بدون ألم.
الأعراض
معظم المصابين يشعرون بألم مزعج في منطقة الصدر، وهو يختلف عن الألم العادي الذي قد نشعر به في أي جزء من الجسم. ويصف المصابون هذا الألم بأنه يشبه نوعا من الضغط داخل الصدر، والإحساس بالثقل والضيق، وأحيانا شعور بحرقان وإحساس بالصدمة، ويصف البعض الألم بأنه يشبه قبضة تعتصر الصدر، ويمتد الألم إلى الكتف الأيسر والفك السفلي وأسفل الرقبة وإلى اليد اليسرى وأحيانا إلى الظهر.
وتبدأ الذبحة عند عمل مجهود بدني أو عند انفعال عصبي، وتزيد حالتها سوءا إذا كانت المعدة ممتلئة بالطعام أو في درجات الحرارة المنخفضة. من الأعراض الأخرى التي تصاحب الألم شعور بضيق في التنفس وعرق وغثيان في بعض الحالات. وعادة ما تدوم النوبة من دقيقة إلى خمس دقائق، وتتحسن الحالة بالراحة وبأخذ الدواء. أما الألم الصدري الذي لا يستغرق سوى عدة ثوان فإنه لا يمكن اعتباره ذبحة صدرية.
لماذا تحدث الذبحة؟
وتحدث الذبحة عندما تقل كمية الأكسجين الواصلة إلى العضلات القلبية، إما بسبب نقص إمداد الأكسجين إلى العضلة، وإما بسبب الاحتياج المتزايد للعضلة من الأكسجين، والذي يحدث في حالة بذل المجهود. والسبب الرئيسي في كلا الأمرين هو ضيق أو انسداد الشرايين الدموية.
وتمثل أهم العوامل المؤدية إلى الذبحة -أو التي يزيد وجودها من سوء الحالة- تدخين السجائر، وارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم، وارتفاع ضغط الدم، ومرض السكر، إضافة إلى العامل الوراثي.
وهناك نوع من الذبحات الصدرية يحدث أحيانا دون أن تكون هناك انسدادات أو ضيقا في الشرايين، ويحدث هذا النوع من الذبحات بسبب حدوث تقلص في الشرايين، وهو شائع أكثر لدى الإناث الأصغر سنا.
وتنقسم الذبحات الصدرية إلى نوعين: ذبحة مستقرة، وهي التي يرتبط حدوثها بحدوث مجهود، وذبحة غير مستقرة، وهي التي تحدث في وقت الراحة بطريقة غير متوقعة وهي غير مرتبطة بالمجهود، وهي النوع الأخطر الذي قد يتطور إلى نوبة قلبيةHeart Attack . وتكمن خطورة الذبحة غير المستقرة في أنها قد تؤدي إلى خلخلة الدهون وبقايا الخلايا المترسبة على الشرايين بحيث تحدث جلطة.
التشخيص
يبين لنا رسام القلب الكهربي حالة القلب بالضبط، وأحيانا يحتاج الأمر إلى إجراء رسم قلب بالمجهود لتبيان الحالة أكثر، حيث يبين رسم القلب بالمجهود تغيّر مستوى الضغط واستجابته للمجهود العضلي وما إذا كان هناك عدم انتظام في ضربات القلب. إلا أنه ليس كل الناس يستطيعون أداء هذا الاختبار، خاصة المصابين بالربو والمصابين بالتهاب المفاصل.
ما الذي يحدث بالضبط؟
يعمل القلب كمضخة تقوم بتوصيل الدم من الرئتين -والمحمّل بالأكسجين– إلى باقي أجزاء الجسم، وتوصيل الدم الخالي من الأكسجين القادم من أنحاء الجسم المختلفة إلى الرئتين، وذلك وفقا للدورتين الرئوية والجسمية. بالطبع يحتاج القلب في عمله إلى الأكسجين مثله مثل باقي أجزاء الجسم. وتتغذى أنسجة القلب عن طريق الشرايين التاجية وعددها ثلاثة شرايين.
تؤدي زيادة المجهود إلى زيادة الحاجة إلى الطاقة وبالتالي زيادة الحاجة إلى الأكسجين. يزيد معدل خفقان القلب ليدفع المزيد من الدم والأكسجين إلى الأنسجة، وليقوم القلب بهذا المجهود الإضافي فإنه يحتاج هو نفسه إلى المزيد من الأكسجين. إذا كان هناك قصور في وصول الدم للقلب تحدث الذبحة.
وهذا القصور في وصول الدم للقلب قد يحدث بسبب حدوث تقلصات في شرايين القلب، أو مقاومة الأوعية الدموية، أو انخفاض قدرة الدم على حمل كمية كافية من الأكسجين. ويمثل تصلب الشرايين السبب الأساسي في ضيق الأوعية الدموية للقلب وبالتالي حدوث الذبحات الصدرية.
العلاج
الهدف الرئيسي للعلاج هو إراحة أعراض الذبحة، وتثبيط تقدم المرض، وتقليل معدل حدوث الذبحات في المستقبل، خاصة أنها يمكن أن تكون مميتة.
في حالة حدوث الذبحة، يستخدم المريض أقراص النيتروجليسرين التي توضع تحت اللسان، والتي تقوم بتوسيع الشرايين.
يجب تعاطي الأسبرين (جرعة صغيرة من 75 إلى 100 مليجرام) يوميا لزيادة سيولة الدم والوقاية من الجلطات، ويتم وصف أدوية مثبطات المستقبلات من النوع بيتا Beta Blockers، وهي أدوية خافضة لضغط الدم وتؤدي إلى تقليل معدل نبضات القلب، وأحيانا توصف مثبطات قنوات الكالسيوم Calcium Channel Blockers أو مثبطات إنزيم ACE، وهي أيضا أدوية خافضة لضغط الدم. في الغالب يكون لدى المصاب نسبة عالية من الكوليسترول في دمه، وهذه النسبة يجب خفضها باستخدام الأدوية لتقليل معدل ترسب الدهون على الشرايين وبالتالي تقليل تدهور الحالة. يجب أيضا التوقف عن التدخين وخفض الوزن إذا كان المريض سمينا.